[center](( يا إلهي ! ماكل هذا الألم! أي لعنة ألقيت علي لأخرج من مشكلة وأقع في أخرى ؟! لماذا حكم علي بالمعاناة ؟ ))
هكذا تساءلت أمام نفسي وأنا أهم بالخروج من البيت ،صدقوني لن تجدوا أحدا في الدنيا بمثل مشاكلي ،فهاهي زوجتي كالطوقان لا تكف عن الصراخ بشأن المال،هي تأخذ كل ما لدي، تلتهم كل ورقة نفيسة ،حتى أشفق الصراف الآلي على حالي ورفض إعطائي وقود الحياة .
ركلت الآلة اللعينة ،كنت بحاجة إلى ذلك المال،ليس لإرضاء الفيلة التي ترضع جهدي وعرقي ،ولكن للخروج من واقعي .ركبت القطار متجها إلى مدينتي الأم ،مودعا هذه البلدة التي اسودت أيامي منذ وطئت أرضها.
بعد خمس ساعات ،وصلت إلى مقصدي ، اتجهت مباشرة إلى منزلها ، أختي ،يالها من محظوظة!،لطالما رأيت علاقتها مثالية مع زوجها،وربما حسدتها على ذلك بضع مرات .
سلمت على الأهل ،وتركت رحالي هناك وخرجت لأتجول،لا داعي للكذب ،أو لتبرئة نفسي،كنت أقصد مكانا معينا ،سرت في تلك الأزقة المألوفة ،وابتهج قلبي فرحا ،بعد رؤية تلك اللافتة العملاقة '' بار فوش'' ،تلمست أناملي الخشنة جيبي،إنه مليء بالأوراق والقطع ،ممتاز ،لا شيء يمنعني الآن،فتحت الباب وإذا بي أرى رغم اختلاف الوجوه طباعا مألوفة ،جلست فوق أحد الكراسي،وجاء النادل ،وجهه خبيث كالحية ،وماذا أتوقع من العاملين هنا،هم شياطين لا ترحم ،همها الأول،سلبك كل فلس تملكه،ولكن رغم احتواء صدري على كل هذه المشاعر،إلا أنني ابتسمت في وجهه ،وقلت : (( قنينتي نبيذ)).
مخافة انزعاجي،أحضر القنينتين بسرعة .سمعت صراخا،وإذا بي أرى ثملا يطرد كالمتشرد،ضحكت في قنوت ،لقد كان يمثل ما سأصبح عليه بعد قليل ،ولكن ليس لدي ما أخسره،سوى دريهمات،وعزائي الوحيد أني سأكون في عالم آخر.سكبت بسخاء السائل الزمردي داخل كأسي ،وبدأت بالشرب وفي غضون ثوان أصبح الكأس فارغا إلا من بضع قطيرات حمراء تدعوني إليها،أما لساني فقد استلذ المذاق ،وأحسست بنشوة غريبة في رأسي،إنه يتسرب إلى جسدي ،يصل إلى عقلي ،وما فتئ هذا الأخير يلح علي بالمزيد سكبت بضع كؤوس أخرى ،وغرقت في متعتي الجهنمية ،والشعور يقوى والنشوة تصل إلى أوجها،إلى أن خرجت من الواقع،تركت أحزاني ورائي ،زوجتي ،عملي ،كل شيء.وطرت في عالم آخر لا يعرف الحزن أو الألم ،عيبه الوحيد أنه مؤقت.
آآه ،ياله من وجع ،رباه ماذا حدث لأنفي ،جبهتي ،هل انفجرت ؟،صرخت بخفوت قبل أن أدرك أن هناك غطاء فوقي،وسريرا وثيرا تحتي ،فتحت عينيّ برفق،وإذا بصداع غادر،يشق رأسي آلاما،وأدركت مايوجد بالغرفة ،أختي،تصلي ،تبكي ،تبتهل وتذكرني تدعو لي بالهداية ،ههه ،عن أي هداية تتحدث؟،هذه طريقي ،وهذا يومي،نهار غارق في بؤس الحياة ،وليل مليء بالنزوات،و أناس ينفرون مني ككلب أجرب بينما آخرون يشبعونني لكمات تصلني أوجاعها متأخرة،و أخيرا هذه حياتي . فما رأيكم بي؟
ملاحظة :الطوقان طائر من سلالة نادرة معروف بصراخه.[/center]